روائع مختارة | قطوف إيمانية | في رحاب القرآن الكريم | تفسير سورة التكاثر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > في رحاب القرآن الكريم > تفسير سورة التكاثر


  تفسير سورة التكاثر
     عدد مرات المشاهدة: 2754        عدد مرات الإرسال: 0

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ*حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ*كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ*ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ*كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ*لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ*ثُمَّ لَتَرَوْنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ*ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر].

أي: شغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وإبتغائها، وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر، وصرتم من أهلها.

قال الحسن البصري: {ألهاكم التكاثر} في الأموال والأولاد.

وفي صحيح البخاري في الرقاق عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب قال: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت: {ألهاكم التكاثر} يعني: «لو كان لابن آدم واد من ذهب».

عن عبد الله بن الشخير قال: إنتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «{ألهاكم التكاثر} يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟» رواه أحمد ورواه مسلم والترمذي والنسائي من طريق شعبة به.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول العبد: مالي مالي؟ وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدق فاقتنى وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس» تفرد به مسلم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتبع الميت ثلاثة، فيرجع إثنان ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله» رواه البخاري.

عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يهرم ابن آدم وتبقى منه اثنتان: الحرص والأمل» أخرجاه في الصحيحين.

وذكر الحافظ ابن عساكر، في ترجمة الأحنف بن قيس -وإسمه الضحاك- أنه رأى في يد رجل درهما فقال: لمن هذا الدرهم؟ فقال الرجل: لي، فقال: إنما هو لك إذا أنفقته في أجر أو إبتغاء شكر، ثم أنشد الأحنف متمثلا قول الشاعر:

أنت للمال إذا أمسكته *** فإذا أنفقته فالمال لك

وقال قتادة: {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان ونحن أعد من بني فلان، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم.

والصحيح أن المراد بقوله: {زرتم المقابر} أي: صرتم إليها ودفنتم فيها، كما جاء في الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأعراب يعوده، فقال: لا بأس، طهور إن شاء الله، فقال: قلت: طهور؟! بل هي حمى تفور، على شيخ كبير، تزيره القبور! قال: فنعم إذا.

عن ميمون بن مهران قال: كنت جالساً عند عمر بن عبد العزيز، فقرأ: {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} فلبث هنيهة فقال: يا ميمون، ما أرى المقابر إلا زيارة، وما للزائر بد من أن يرجع إلى منزله، قال أبو محمد: يعني أن يرجع إلى منزله إلى جنة أو نار.

وهكذا ذكر أن بعض الأعراب سمع رجلاً يتلو هذه الآية: {حتى زرتم المقابر} فقال: بعث اليوم ورب الكعبة. أي: إن الزائر سيرحل من مقامه ذلك إلى غيره.

وقوله: {كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون} قال الحسن البصري: هذا وعيد بعد وعيد.

وقال الضحاك: {كلا سوف تعلمون} يعني: الكفار {ثم كلا سوف تعلمون} يعني: أيها المؤمنون.

وقوله: {كلا لو تعلمون علم اليقين} أي: لو علمتم حق العلم، لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة، حتى صرتم إلى المقابر.

ثم قال: {لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين} هذا تفسير الوعيد المتقدم، وهو قوله: {كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون} توعدهم بهذا الحال، وهي رؤية النار التي إذا زفرت زفرة خر كل ملك مقرب، ونبي مرسل على ركبتيه، من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال، على ما جاء به الأثر المروي في ذلك.

وقوله: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك.

المصدر: تفسير ابن كثير.